فصل: تفسير الآيات (66- 67):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير التستري



.تفسير الآية رقم (23):

{قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (23)}
قوله تعالى: {قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا} [23] فسئل: ما هذه النعمة؟ فقال: أنعم اللّه عليهما بالخوف والمراقبة، إذ الخوف والهم والحزن يزيد في الحسنات، والأشر والبطر يزيد في السيئات.

.تفسير الآيات (54- 56):

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (54) إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ (56)}
قوله: {أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ} [54] يعني غليظة عليهم. قوله: {إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا} [55] قال: ولاية اللّه تعالى الاختيار لمن استولاه، ثم أعلم الرسول أنه ولي المؤمنين، فيجب عليه أن يوالي من والى اللّه تعالى والذين آمنوا، ثم قال: {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ} [56] يعني غالبون هوى نفوسهم.

.تفسير الآية رقم (64):

{وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (64)}
قوله: {بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ} [64] وقال: يعني حكمه وأمره ونهيه نافذ في ملكه.

.تفسير الآيات (66- 67):

{وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما يَعْمَلُونَ (66) يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (67)}
قوله: {وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ} [66] يعني لو علموا بما أنزل اللّه على محمد صلّى اللّه عليه وسلّم، فلو عملت به لبلغت هذه المنزلة كما بلغها من عمل بها، ولو أقبلت على الرازق لكفيت مؤنة الرزق. ثم قال: ولست أكبر من عمرو بن الليث كان يمر وبين يديه ألف راكب وألف غلام، في يد كل غلام عمود من ذهب وفضة، فآل أمره إلى أن حبس في بيت حين حمل إلى الخليفة، ومنع عنه الطعام والشراب، وفتح الباب فوجدوه ميتا، وفمه مملوء من الجص والآجر من شدة جوعه. ثم قال: إني نصحت لكم، وإني لكم من الناصحين. وقد حكى مالك بن دينار عن حماد بن سلمة وحماد بن يزيد أنهما دخلا على رابعة فذكرا شيئا من أمر الدنيا فقالت رابعة: لقد أكثرتما ذكر الدنيا، ما أظنكما إلّا جياعا، فإن كنتما جياعا فاعمدا إلى القدر وذلك الدقيق، فاصنعا لأنفسكما ما وسوس، قال بعض من كان معها: لو كان لنا ثوم. فقال حماد: فرأيت رابعة حركت شفتيها، فما سكتت حتى جاء طير في منقاره رأس ثوم، فرمى به ومضى.
قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [67] قيل: ما هذه العصمة؟ فقال: إن اللّه تعالى وعده أن لا يبتليه كما ابتلى سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، إبراهيم بالنار، وإسماعيل بالذبح، وغيرهما، إذ كان لا يشعر بما يفعل به، كما قال: {وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ} [الأحقاف: 9] فأعلمه اللّه تعالى أنه يعصمه من الناس.

.تفسير الآية رقم (83):

{وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83)}
قوله: {وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ} [83] قال: هم القسيسون والرهبان، كان الناس يتمسحون بهم لعلمهم في الدين، قدموا على النبي صلّى اللّه عليه وسلّم فقرأ عليهم القرآن، فرقوا له، ففاضت أعينهم ولم يستكبروا، بعصمة اللّه إياهم عن الاستكبار، فدخلوا في دينه لما وضع اللّه تعالى من علمه فيهم، ثم قال: فساد الدين بثلاث: الملوك إذا أخذوا في السرف والشهوات، والعلماء إذا أفتوا بالرخص، والقراء إذا تعبدوا بغير علم وإن العلماء يحتاج إليهم الخلق في الدنيا والآخرة، وقد حكي عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنه عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «إن أهل الجنة يحتاجون إلى العلماء في الجنة كما يحتاجون إليهم في الدنيا، يزورون ربهم في كل جمعة فيقال لهم: تمنوا ما شئتم. فينطلقون إلى العلماء، فيقول لهم العلماء: تمنوا كذا تمنوا كذا، فيتمنون».

.تفسير الآية رقم (109):

{يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (109)}
وقوله تعالى: {يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا} [109] يعني لا علم لنا بما كان في قلوبهم من الإيمان بك وغيره، إنما علمنا بما أظهروه من الإقرار باللسان {إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} [109] فقيل له: يطالبهم بحقيقة ما في قلوب الأمة؟ فقال: لا، وإنما وقع السؤال بنفسه إياهم عن حقيقة الظاهر الذي لا يظهر إلّا بحقيقة الباطن، فأجابوا بالإشارة إلى رد العلم إليه. ويحتمل أن يكون معناه: لا علم لنا بمعنى سؤالك، مع علمك بما أجبنا: {إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} [109].

.تفسير الآية رقم (116):

{وَإِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قالَ سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (116)}
قوله تعالى: {تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ} [116] أي لا أعلم غيبك في سؤالك، مع علمك به. ويحتمل أن يريد: تعلم ما في سري ولا أعلم ما في نفسك المستودع في سري، لأن سرك بينك وبينها لا يطلع عليه أحد دونك، وهي العين التي ترى بها الحق، وأذن تسمع بها الحق، ولسان ينادي بالحق. والدليل عليه قوله تعالى للمنافقين: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} [البقرة: 18، 171] لأنه لم يكن لهم هذه المستودعات، واللّه سبحانه وتعالى أعلم.

.السورة التي يذكر فيها الأنعام:

.تفسير الآية رقم (52):

{وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52)}
سئل عن قوله: {وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [52] قال: أي يريدون وجه اللّه ورضاه، ولا يغيبون عنه ساعة. ثم قال: أزهد الناس أصفاهم مطعما، وأعبد الناس أشدهم اجتهادا في القيام بالأمر والنهي، وأحبهم إلى اللّه أنصحهم لخلقه. وسئل عن العمر قال: الذي يضيع العمر.

.تفسير الآية رقم (54):

{وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (54)}
قوله تعالى: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [54]. وقد حكي أن اللّه تعالى أوحى إلى داود عليه السلام: يا داود من عرفني أرادني، ومن أرادني أحبني، ومن أحبني طلبني ومن طلبني وجدني، ومن وجدني حفظني. فقال داود صلوات اللّه عليه: إلهي، أين أجدك إذا طلبتك؟ فقال: عند المنكسرة قلوبهم من مخافتي. فقال: إلهي، أتيت أطباء عبادك للتداوي فكلهم دلوني عليك، فبؤسا للقانطين من رحمتك، فهل لي وجه أن تداويني؟ فقال اللّه عزّ وجلّ: الذين أتيتهم كلهم دلوك علي؟ فقال: نعم. قال: فاذهب فبشر المذنبين، وأنذر الصديقين. فتحير داود فقال: يا رب، غلطت أنا أم لا؟ قال: ما غلطت يا داود. قال: وكيف ذلك؟ قال: بشر المذنبين بأني غفور، وأنذر الصديقين بأني غيور. فسئل: من الصديقون؟ فقال: الذين عدوا أنفاسهم بالتسبيح والتقديس، وحفظوا الجوارح والحواس، فصار قولهم وفعلهم صدقا، وصار ظاهرهم وباطنهم صدقا، وصار دخولهم في الأشياء وخروجهم عنها بالصدق، ومرجعهم إلى مقعد صدق عند مليك مقتدر.

.تفسير الآية رقم (69):

{وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلكِنْ ذِكْرى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (69)}
وقوله سبحانه وتعالى: {وَلكِنْ ذِكْرى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [69] قال: إن اللّه تعالى أخذ على أوليائه التذكرة لعباده، كما أخذ التبليغ على أنبيائه صلوات اللّه عليهم أجمعين. فعلى أولياء اللّه أن يدلوا عليه، فمتى قعدوا عن ذلك كانوا مقصرين. قيل له: فقد رأينا كثيرا منهم قعدوا عن ذلك. فقال: إنهم لم يقعدوا عنه إلّا عند عدم الاحتياج إليه، كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وقد كان عندنا رجل بالبصرة له منزلة رفيعة، لزمه فرض من ذلك في وقت من الأوقات، فبادر نحوه، فلقيه رجل آخر وقال له: إن اللّه تعالى أمرني بما عزمت عليه، وكفاك إياه، فرجع إلى منزله، وحمد اللّه تعالى على حسن الكفاية، واللّه أعلم.

.تفسير الآيات (76- 77):

{فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ (76) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77)}
قوله: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي} [76] فقال: كان هذا القول منه تعريضا لقومه عند حيرة قلوبهم، لأنه كان أوتي رشده من قبل، كما قال: {وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} [75]. قيل: ما معنى قوله: {لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي} [77] قال: يعني لئن لم يدم لي الهداية، {لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ} [77] ثم قال: كانت ملة إبراهيم عليه السلام السخاوة، وحالة التبري من كل شيء سوى اللّه تعالى، ألا تراه حين قال جبريل عليه السلام: هل لك حاجة؟ قال: أما إليك فلا. لم يعتمد على أحد سواه في كل حال.

.تفسير الآية رقم (98):

{وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (98)}
وقوله تعالى: {فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ} [98] أي مستقر في أرحام النساء و«مستودع» يعني النطفة في صلب آدم عليه السلام.

.تفسير الآية رقم (120):

{وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِما كانُوا يَقْتَرِفُونَ (120)}
وقوله: {وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ} [120] يعني اتركوا المعاصي بالجوارح، ومحبتها بالقلب، وبالإصرار عليها.

.تفسير الآية رقم (125):

{فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (125)}
وقوله: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ} [125]. قال سهل: إن اللّه ميز بين المريد والمراد في هذه الآية، وإن كان الجميع من عنده، وإنما أراد أن يبين موضع الخصوص من العموم، فخص المراد في هذه السورة وغيرها، وذكر المريد وهو موضع العموم في هذه السورة أيضا، وهو قوله تعالى: {وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [52] فهو قصد العبد في حركاته وسكونه إليه، كما قال: {وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ} [الشورى: 38] فكل من وجد حال المريد والمراد فهو من فضل اللّه عليه، ألا ترى أنه جمع بينهما في قوله تعالى: {وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النحل: 53] قيل له: فما الفصل بينهما؟ فقال: المريد الذي يتكلف القصد إليه والعبادة للّه تعالى ويطلب الطريق إليه، فهو في الطلب بعد، والمراد قيام اللّه تعالى له بها، والرجل يجد في نفسه ما يدل على المريد، والمراد يدخل في الطاعات وقتا يجد ما يحمله على الأعمال من غير تكلف وجهد نظرا من اللّه تعالى له، ثم يخرج بعد ذلك إلى علو المقامات ورفيع الدرجات.
قيل له: ما معنى المقامات؟ فقال: هي موجودة في كتاب اللّه تعالى في قصة الملائكة: {وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ} [الصافات: 164] وقال: {وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا} [132]، وقال في صفة المريد: شغل المريد إقامة الفرض والاستغفار من الذنب وطلب السلامة من الخلق. وقال سهل: إن اللّه عزّ وجلّ ينظر في القلوب والقلوب عنده، فما كان أشدها تواضعا له خصه بما شاء ثم بعد ذلك ما كان أسرعها رجوعا، وهما هاتان الخصلتان. وقال: ما اطلع اللّه على قلب فرأى فيه همّ الدنيا إلّا مقته، والمقت أن يتركه ونفسه. والقلب لا يملكه أحد إلّا اللّه تعالى، ولا يطيع أحدا إلّا اللّه، فإذا ذكرت به فضع سرك مع اللّه، فإنه ليس من أحد وضعت سرك عنده إلّا هتكه، إلّا اللّه عزّ وجلّ.